بحث

السبت، 20 أكتوبر 2012

مفترق طرق



منذ عده ايام صدر تقرير من منظمة (فريدم هاوس) الأمريكية المعنية بنشر الديمقراطية ودراسات الحريات ، وكان التقرير تحت عنوان "دول فى مفترق الطريق" ويتحدث عن وضع الحريات ونظام الحكم فى دول الشرق الأوسط والتى تغيرت انظمتها السياسية فى العام الماضى بعد انتفاضات وثورات شعبية والمسماه بدول الربيع العربى - تونس ومصر و لبيا- ، ويغطى الفترة من أبريل 2009 الى ديسمبر 2011 ، ويتحدث التقرير عن مدى هشاشة المكاسب التى حققتها تلك الدول على صعيد نظام الحكم الديمقراطى والحريات ويحذر من انتكاسات قد تؤدى بهذه الدول الى العودة من جديد لأنظمة شمولية تكبت الحرية ، ويرى التقرير ان تونس هى الدولة الوحيدة من دول الربيع العربى التى شهدت تحسن ملحوظ فى نظام الحكم ومجال الحريات ، اما بالنسبة لبقية دول الربيع العربى فهناك تدهور فى نظام الحكم من حيث الشفافية ومسألة الحكومات وكذلك الحريات العامة والشخصية وحقوق الانسان .

وقد نظن ان هذا التقرير مجحف بحق دول الربيع العربى التى تخلصت من اعتى الطغاه ومن انظمة شمولية دكتاتورية مستبدة يستشرى بها الفساد وقد بدأت فى بناء انظمه ديمقراطيه تحقق تطلعات شعوب هذه الدول فى الحرية والكرامةا لانسانية والعدالةال اجتماعيه ، ولكن اخذت المنظمه بعده معاير فى تقيم الدول وهى سيادة القانون والمساءلة والشفافية ومحاربة الفساد والحريات المدنية ، واذا طبقنا هذه المعاير على دول الربيع العربى لوجدنا انه بالفعل سيادة القانون تكاد تكون غائبة عن معظم هذه الدول نتيجة لفوضى مابعد الثورات من انفلات امنى وانكسار الشرطة وعدم مقدرتها على اداء مهامها اما عجزا او تراخى متعمد مما ادى لنشاط مكثف للخارجين عن القانون وكثرة التعديات على املاك الدولة وهذا هو الحال فى مصر ، اما الجاره ليبيا الخارجة من حرب تحرير وليس مجرد ثورة شعبية سلمية والتى تبداء فى بناء مؤسسات الدولة من جديد فالامن فى يد الكتائب التى قاتلت ضد القذافى وهى كتائب متعدده الايديولوجيات واغلب المنتسبين لها هم من الهواه عديمى الخبرة وقليلى التنظيم فكيف يعهد لهم بأمن دولة ، وكذلك اليمن فمازالت سلطة القبيلة تعلوا على سلطة الدولة وسيادة قانونها وخصوصا بعد تحزب القباءل اما مع او ضد على عبد الله صالح قبل تنحية عن الحكم بعد المبادرة الخليجية . ومن ناحية المساءلة والشفافية ومحاربة الفساد فبالرغم من ارتفاع ضجيج الاصوات المناهضة للحكومات والمطالبة للمحاسبة الا انها لم تستطيع تحقيق المحاسبة ولا حتى محاكمة العديد من رموز الفساد بل وبعضهم مازال فى ارفع المناصب ولم تستطيع اعادة الاموال المنهوبة والمهربة فى بنوك اوروبا ولم تستطيع اجتثاث الفساد من مؤسسات الدولة التى ينخر اعمدتها مثل السوس ، اما الحريات المدنية فمن المتوقع ان تشهد تراجع وخصوصا مع سيطرة قوى راديكاليه - الأسلاميين- على لجان كتابتها ومن المعروف ماهو موقفها من الحريات وكذلك بعض المواد التى استقروا عليها مثل حرية العبادة المكفولة للاديان السماوية الثلاثة فقط ومحاسبة التهجم على الرموز الوطنية وغيرها من المواد مما دفع العديد من القوى المدنية القلقة على الحريات للاعتراض وقد انسحبت بالفعل الناشطة النوبية منال الطيبى وهدد بذلك عمرو حمزاوى وكذلك حركة 6 ابريل ، وبالنسبة لحقوق الأنسان فمازالت الانتهاكات كما كانت فى عصر ماقبل الربيع العربى فمازلنا نسمع عن محاكمات عسكرية واشخاص تتعرض للتعذيب وكشوف عزريه .. الخ ، واذا قارنا مانحن فيه بما كنا نتطلع له اثناء ثورات الربيع العربى لأكتشفنا اننا فعلا فى "مفترق الطريق" .

ولكن على الجانب الاخر لم يراعى التقرير بعض المؤشرات التى قد لا يتلمسها الغرب وهى ازالة حاجز الخوف من شعوب تلك الدول بعد ان كانت فى ثبات عميق منذ خمسينيات القرن الماضى وهو مكسب ليس بالهين فهولاء يمثلون ضغط على اى نظام حاكم وسوف يفكر مئات المرات اذا اراد تكرار سياسة سابقية وكذلك فقد اكتسبت الشعوب - او على الاقل تحاول - ثقافة المشاركة السياسية بعد ان كانت تحسبها من تابوهات المجتمع المحرمة والممنوع حتى التفكير فيها وليس المشاركة بها وهذا بالنسبة لثقافة مجتمعاتنا العربية تقدما هائلا ولكنة طبعا لايذكر بالنسبة لكاتب التقرير الطامحين فى معاير المجتمع الغربى ، اما ليبيا فبرغم من وجود الكتائب وانتهاكتها لسيادة الدوله فان وعى الشعب الليبى - الذى عانى من طاغية اراد عمدا تجهيلة - يدل على تطلع الشعب للحرية وللاقامة دولة مدنية حديثة وهذا يتجلى فى اختيارهم للقوى الليبرالية فى انتخابات الشبه برلمانية التى قامت وكذلك رفضهم للاعمال الارهابية التى تصدر من الكتائب الاسلامية مثل التعدى على الاضرحة واخير الهجوم على القنصلية الأمريكية فى بنغازى ومقل السفير الأمريكى فخرج سكان بنغازى وطردوا هذه الكتائب من المدينة ، فكل هذه المؤشرات من تقدم ثقافة شعوب الربيع العربى تجعلنا نثق اننا نخطوا خطوات واثقة ناحية التقدم والديمقراطية والحريات .


http://blog.noreed.com/2012/10/blog-post_20.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق