بحث

الثلاثاء، 4 سبتمبر 2012

عصر الأضمحلال



"هل تذكرون الطيور السمينه التى كانت تقدم للآلهه ؟ هل تذكرون الخبز الابيض وموائد القرابين ورائحه العطور فى المعبد ؟ للاسف سرقت الكتب الكهنوتيه واعلنت الاسرار التى بها وذكرت النصوص السحريه السريه وفقدت مفعولها من كثره ترديد الناس لها .. للاسف قتل الكهنه واصبح حارس المكان هو سارقه .. لم يعد الفلاح يذهب الى ارضه دون ان يحرس نفسه بمجموعه من قطاع الطرق .. انظر لقد حدث شئ لم يحدث من قبل لقد سرق الناس مومياوات الملوك واصبحت الاهرامات خاليه .. اصبح الخادم يسرق كل ما يجده اصبح الفقراء اغنياء وتزينت اعناق الخدم بالذهب والفضه .. اصبح النبلاء فى تعاسه وسيدات القصور اصبحن جائعات وقد ارتدت سيدات مصر العظيمات ثياباً بالية ومن كان حافيا اصبح يمتلك اطنان من الكنوز .. لم يعد الطريق يخلو من قطاع الطرق .. انظر اصبح رجال الامن فى مقدمه الناهبين .. انظر لقد رميت قوانين قاعه العدل -المحكمه- علنا واصبحت الناس تدوسها بالاقدام وأهين الموظف وتوقف إبحار السفن إلى بيبلوس وترك الناسُ أطفالهم الذين طالما تمنَّوا ولادتهم  ولم يعد الأخ يثق بأخيه " . (بردية ايبو ور )

تصور هذه البردية احداث مهمة فى تاريخ مصر القديم فهى تغطى احداث الثورة الاجتماعية او ثورة الفقراء - الجياع - بمعنى ادق والتى قامت فى أوخر ايام الأسرة السادسة والتى كانت نتيجة طبيعية للحالة المتردية والوضع المتدنى الذى وصلت له البلاد ليس فقط فى اخر ايام حكم هذه الاسرة التى قامت فى أواخر عهدها الثورة ولكن قبل ذلك بالكثير من العقود ، وجزور المشكلة تبداء منذ عصر الأسرة الرابعة فتره حكم المالك (شبسسكاف) الذى تمرد على كهنة الاله (رع) وتمرد على نفوذهم وحاول الحد من سطوتهم فدخل معهم فى صراع أدى الى استيلائهم على الحكم وبهذا انتقلت السلطة الى بيت حاكم جديد من الكهنة وتكونت الأسرة الخامسة ، ولأن أفراد الأسرة الحاكمة الجديدة كانو من الكهنة ولا تجرى فى عروقهم الدماء الملكية لم يراعوا التقاليد الملكية الراسخة والتى كان بموجبها الفرعون - الملك- نصف آله على الأرض ويحكم بأسمه ، بل على العكس أخذت سلطة الملك تقل وفى المقابل صعد نفوذ حكام الأقاليم وكبار الموظفين والذين كلما زادوا ثرا ازداد نفوذهم وقوتهم ولم يتأثروا حتى بأنتقال السلطة الى بيت حاكم جديد - الأسرة السادسة- بداية من عهد الملك (تتى) ، وظلت البلاد اغلب فترات هذه الأسرة تعانى من ضعف السلطة المركزية مقابل زيادة نفوذ حكام الأقاليم الذين أصبحوا بمثابة ملوك فى مقاطعاتهم ولايربطهم بالعرش سوى خطيط رفيع من الولاء الشكلى ليس اكثر وأضحت البلاد أشبه بأتحاد كونفدرالى بين هذه المقاطعات ، وبتفكك السلطة المركزية تعطلت المشاريع العامة للدولة وأخذ الفساد يستشرى بين الموظفين فحاول كل موظف أن يجمع اكبر قدر من الثروات ولو على حساب المزارع – المواطن – والذى تكدست عليه الأعباء والمظالم وأصبح ايضا معرض للسلب والنهب من قطاع الطرق من القبائل البدوية التى جائت من الحدود منتهزة فرصة انفتاح الحدود نتيجة ضعف الدولة والتى قامت بالأغارة على أغلب مدن وقرى الدلتا دون ان تجد من يتصدى لها من رجال الأمن والذين اخذوا ايضا بسلب ونهب المواطنين بدلا من حمايتهم .

لهذا لم يكن أمام المواطن المصرى المطحون من كل الأطراف ألا ان يتمرد ويثور على الظلم وعلى الوضع القائم ، وعندما ثار كان كالموج الجارف الذى لايترك شئ فى طريقة فلم تسلم المعابد أو المقابر أو الدواوين الحكومية أو حتى بيوت الأثرياء فسلبت ونهبت وأمتلائت الطرقات بالجثث وعكرت الدماء نهر النيل .

فهل هناك تشابة بين تلك الحقبة الزمنية التى حدثت فيها تلك الثورة وبين الفترة التى نعاصرها الأن ؟ ، أذا قارنا من حيث العصور التمهيدية السابقة للحقبتين فسنجد اننا فى تاريخنا الحديث مررنا بتغير البيوت الحاكمة أو الفئات الحاكمة لنكون أكثر دقة فقد انهارت الأسرة العلوية - خلفاء محمد على - بعد انقلاب 23 يوليو عام 1952 وحلت محلها الأسرة العسكرية - ضباط الجيش- والتى بداء فى عصر هذه الأسرة ظهور رموز قوى وشخصيات متحكمة وتزايد نفوذها فى عهد (السادات) ولكنة استطاع القضاء على نفوذهم فيما يعرف بثورة التصحيح وكذلك بدائت فى عهده احتجاجات على ارتفاع تكلفة المعيشة وغلاء الأسعار فى انتفاضة 1977 وفى العصر الذى يليه (مبارك) ازداد نفوذ رجال الاعمال وأستشرى الفساد وعانى المصرين من الفقر وانخفاض مستوى الدخل وأفتقدوا للعدالة الاجتماعية ولهذا قاموا بالثورة ضد هذا النظام فى 25 يناير من العام السابق والتى أدت الى انهيار هذه الأسرة بتنحى (مبارك) ثم تسليم (المجلس العسكرى) السلطة للرئيس المنتخب وما تبعها من أطاحة بقيادات ( المجلس العسكرى) بتولى الرئيس (مرسى) انتقلت السلطة الى الأسرة الاخوانية التى ورثت الأسرة العسكرية.

اما الوضع القائم فحدث ولا حرج من تردى الوضع الاقتصادى و فوضى وانفلات أمنى وتعيدات على املاد الدولة ونشاط مكثف للخارجين على القانون جهارا نهارا وبمباركة رجال الأمن الذين اخذوا دور المتفرج كل هذا بالأضافة الى ان الأهداف التى ثار من اجلها الشعب لم تحقق فلم يقضى على الفساد ولم تحقق العدالة الأجتماعية ، فهل كل هذا لايعطى مؤشر على تكرار نفس السيناريو وان تقوم ثورة جياع ، ام أن التاريخ لن يعيد نفسة ! 


http://blog.noreed.com/2012/09/blog-post_4.html





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق