بحث

الاثنين، 29 أكتوبر 2012

مصر فى زمن الابهام



بالرغم من مرورعقود على حرب اكتوبر 1973 فهذه الحرب مازالت تخرج اسرارها ، فقد تم الكشف عن وثائق سرية صدرت من فلاديمير فينوغرادوف  السفير السوفيتى السابق فى مصر ( 1970-1974 ) والذى كتب مذكرة موجهه للمكتب السياسى للحزب الشيوعى السوفيتى فى يناير 1975 عقب عودة من القاهرة بعد انتهاء مهمتة الدبلوماسية ، وظلت هذه الوثائق حبيسة ادراج الأرشيف السوفيتى ولم يكشف عنها الا بعد وفاته ، وذلك بالرغم من اعدادة  كتاب يسمى " مصر فى زمن الابهام " عن الفترة التى قضاها فى مصر  .
يصف فينوغرادوف الحرب بأنها حرب مزيفة  او مسرحية معدة مسبقا الهدف منها دخول الولايات المتحدة لمنطقة الشرق الأوسط بصفتها راعية السلام ، والابطال هم السادات والملك حسين و جولدا مأير وهنرى كسينجر ثم ممثلون ثانوين شاركوا دون علهم مثل حافظ الأسد وباقى زعماء العرب ، ويطرح عدة تساؤلات مشروعة وهى فى نفس الوقت محيره للكثيرين منذ عام 1973 حتى الأن .
هل كان موعد الحرب سريا ؟! ، اذا كانت القرار قد اخذ منذ شهر مارس بتنسيق مع سوريا والاردن اى بعلم زعمائهم ومن المعروف مدى صلة ملك الاردن بالولايات المتحدة اى انها كانت على علم مسبق بموعد الحرب وان لم يكن من خلال الملك حسين  فبالسهولة لها رصد حشد القوات المصرية  والسورية من خلال اقمارها الأصطناعية او طائرات التجسس التى تحلق بارتفاعات عالية بجولات استطلاع دورية ، وكذلك تسريح الخبراء العسكرين السوفيت والبالغ عددهم حوالى 2700 شخص وهذا الخبر تناقلته اغلب وكالات الانباء العالمية ناهيك عن عملاء "الموساد" الكثر داخل اغلب البلدان العربية وخصوصا دول المواجهه .
لماذا لم يخبر السادات الأتحاد السوفيتى بساعة الصفر ؟! ، مع العلم ان السوفيت هم مصدر تسليح الجيش المصرى والسورى ، ولهذا ابلغت سوريا الأتحاد السوفيتى بموعد الحرب قبلها بيومين ولكن السادات لم يفعل وهذا يدل على ان السادات كان يعرف مايسعى له وهو ليس حرب تحرير بالتأكيد والا لما كان استغنى عن الحليف السوفيتى حتى على الأقل لاحداث توازن مع الولايات المتحدة حليف الخصم عن طريق ضمان "فيتو" سوفيتى على الأقل .
لماذا لم يواصل الجيش المصرى الزحف فى عمق سيناء وتحرير الأراضى برغم من عدم وجود قوات اسرائيلية قادرة على صده ؟  ، ولماذا لم تتوافر لدى للقوات المصرية خطط مواصلة الهجوم بعد العبور ؟ ، فليس لهذا الا معنى واحد ان الجيش المصرى لم يكن يطمح فى اكثر من العبور للضفة الشرقية لسيناء وبهذا فلا تعد حرب تحرير .
كيف حدثت الثغرة ؟ ، كيف تمكنت الدبابات الأسرائيلية من العبور للضفة الغربية بسهولة و دون على المصريين ؟ لماذا لم تنطبق اجنحة الجيشين الثانى والثالث الميانى فى سيناء ؟ وهذا يعتبر من ابجديات العسكرية وخطاء لا يقع فيه صغار الضباط فكيف يقع فيه قادة جيوش ؟ ، هذا بالأضافة اللامبالاه التى ابدها السادات بعد الثغرة حيث اتصل به فينوغرادوف الذى وجده على عكس المتوقع هادئ وغير قلق من ان الدبابات الاسرائيلية عرب القناه ولايفصلها عن القاهرة سوى كيلومترات ، فكل هذه الأسئلة من الناحية العسكرية تثير علامات استفهام وقد تقدم لنا اجوبتها ادلة على نظرية المؤامرة .
واذا افترضنا سيناريوا المسرحية فما هو مكسب الممثلين المشاركين فيها ، بالنسبة لبطل المسرحية – السادات – فقد كانت شعبيتة تتدنى فى ظل حالة اللاحرب واللاسلم القائمة منذ عام 1967 والتى اثرت على الشعب المصرى والذى طالبه مرارا وتكرارا بخوض الحرب ولكنة يعرف جيدا انه غير مهيئ  للانتصار فى حرب كهذه نظرا لتواضع الامكانيات وبخل الحليف السوفيتى ، وكذلك اختلافة عن شخصية سلفه – عبد الناصر – الكاريزمية قوية التأثير صاحبة الزعامة ليس فى مصر فقط بل فى الوطن العربى فجعل منه محط مقارنة مع عبدالناصر وحتى بين زعماء العرب الذين لم يثقوا به ويلتفوا حولة مثل سلفة ، فضلا عن خوضة كثير من المعارك من اجل ات توطد له السلطة مع رموز القوى التى اطاح بها وكذلك ازاحتة للعديد من العناصر الأشتراكية لرغبتة تغير اتجاه الدولة من الكتلة الشرقية الى المعسكر الغربى بعد ان ادرك ان هذا المعسكر هو من سيهيمن على العالم ويسيطر على الشرق الأوسط .
اما أسرائيل فهى تسعى فى المقالم الأول لتحيد الدول العربية بمعاهات سلام حتى يتثنى لها السيطرة على فلسطين دون عناء وبذلك هى مستعده للتخلى عن بعض الاراضى التى احتلتها عام 1967لتحقيق ذلك ، واستراتيجيا فان الجولان اهم من سيناء فهى عباره عن هضبة كبيرة تكشف العمق الاسرائيلى وتمثل تهديد مباشر له فالسيطرة عليها شأن امن قومى ، وكذلك النظام السورى ذو التوجة القومى – حزب البعث – هو الاخطر على اسرائيل من نظام يميل لليبرالية ويسعى ناحية الغرب فى مصر – السادات- ولهذا فمن المنطقى ان تشارك اسرائيل فى اللعبة لتحطيم الجيش السورى والاتحفاظ بالجولان .
والولايات المتحدة كان جليا جدا انها تسعى لوضع قدمها فى منطقة الشرق الاوسط لترث القوى الأستعمارية القديمة – بريطانيا وفرنسا – فى منطقة النفوذ المهمة فى العالم والتى ذادت اهميتها بعد ظهور البترول فى الخليج العربى ، فكان لابد للولايات المتحده ان تلعب دور راعى السلام المحايد وليس الحليف الأسرائيلى كما كان معتاد منذ بداية الصراع ، فكل هذه العوامل جمعت كل الاطراف على هدف لعب هذه المسرحية بحسب وجهه نظر فينوغرادوف والتى لابد ان نأخذها بوجهه نظر غير محايدة فان السوفيت هم المتضرر الأكبر من اتفاقية السلام وكذلك السادات هو من ترك قبلتهم وولى وجهه شطر الغرب . 

السبت، 20 أكتوبر 2012

مفترق طرق



منذ عده ايام صدر تقرير من منظمة (فريدم هاوس) الأمريكية المعنية بنشر الديمقراطية ودراسات الحريات ، وكان التقرير تحت عنوان "دول فى مفترق الطريق" ويتحدث عن وضع الحريات ونظام الحكم فى دول الشرق الأوسط والتى تغيرت انظمتها السياسية فى العام الماضى بعد انتفاضات وثورات شعبية والمسماه بدول الربيع العربى - تونس ومصر و لبيا- ، ويغطى الفترة من أبريل 2009 الى ديسمبر 2011 ، ويتحدث التقرير عن مدى هشاشة المكاسب التى حققتها تلك الدول على صعيد نظام الحكم الديمقراطى والحريات ويحذر من انتكاسات قد تؤدى بهذه الدول الى العودة من جديد لأنظمة شمولية تكبت الحرية ، ويرى التقرير ان تونس هى الدولة الوحيدة من دول الربيع العربى التى شهدت تحسن ملحوظ فى نظام الحكم ومجال الحريات ، اما بالنسبة لبقية دول الربيع العربى فهناك تدهور فى نظام الحكم من حيث الشفافية ومسألة الحكومات وكذلك الحريات العامة والشخصية وحقوق الانسان .

وقد نظن ان هذا التقرير مجحف بحق دول الربيع العربى التى تخلصت من اعتى الطغاه ومن انظمة شمولية دكتاتورية مستبدة يستشرى بها الفساد وقد بدأت فى بناء انظمه ديمقراطيه تحقق تطلعات شعوب هذه الدول فى الحرية والكرامةا لانسانية والعدالةال اجتماعيه ، ولكن اخذت المنظمه بعده معاير فى تقيم الدول وهى سيادة القانون والمساءلة والشفافية ومحاربة الفساد والحريات المدنية ، واذا طبقنا هذه المعاير على دول الربيع العربى لوجدنا انه بالفعل سيادة القانون تكاد تكون غائبة عن معظم هذه الدول نتيجة لفوضى مابعد الثورات من انفلات امنى وانكسار الشرطة وعدم مقدرتها على اداء مهامها اما عجزا او تراخى متعمد مما ادى لنشاط مكثف للخارجين عن القانون وكثرة التعديات على املاك الدولة وهذا هو الحال فى مصر ، اما الجاره ليبيا الخارجة من حرب تحرير وليس مجرد ثورة شعبية سلمية والتى تبداء فى بناء مؤسسات الدولة من جديد فالامن فى يد الكتائب التى قاتلت ضد القذافى وهى كتائب متعدده الايديولوجيات واغلب المنتسبين لها هم من الهواه عديمى الخبرة وقليلى التنظيم فكيف يعهد لهم بأمن دولة ، وكذلك اليمن فمازالت سلطة القبيلة تعلوا على سلطة الدولة وسيادة قانونها وخصوصا بعد تحزب القباءل اما مع او ضد على عبد الله صالح قبل تنحية عن الحكم بعد المبادرة الخليجية . ومن ناحية المساءلة والشفافية ومحاربة الفساد فبالرغم من ارتفاع ضجيج الاصوات المناهضة للحكومات والمطالبة للمحاسبة الا انها لم تستطيع تحقيق المحاسبة ولا حتى محاكمة العديد من رموز الفساد بل وبعضهم مازال فى ارفع المناصب ولم تستطيع اعادة الاموال المنهوبة والمهربة فى بنوك اوروبا ولم تستطيع اجتثاث الفساد من مؤسسات الدولة التى ينخر اعمدتها مثل السوس ، اما الحريات المدنية فمن المتوقع ان تشهد تراجع وخصوصا مع سيطرة قوى راديكاليه - الأسلاميين- على لجان كتابتها ومن المعروف ماهو موقفها من الحريات وكذلك بعض المواد التى استقروا عليها مثل حرية العبادة المكفولة للاديان السماوية الثلاثة فقط ومحاسبة التهجم على الرموز الوطنية وغيرها من المواد مما دفع العديد من القوى المدنية القلقة على الحريات للاعتراض وقد انسحبت بالفعل الناشطة النوبية منال الطيبى وهدد بذلك عمرو حمزاوى وكذلك حركة 6 ابريل ، وبالنسبة لحقوق الأنسان فمازالت الانتهاكات كما كانت فى عصر ماقبل الربيع العربى فمازلنا نسمع عن محاكمات عسكرية واشخاص تتعرض للتعذيب وكشوف عزريه .. الخ ، واذا قارنا مانحن فيه بما كنا نتطلع له اثناء ثورات الربيع العربى لأكتشفنا اننا فعلا فى "مفترق الطريق" .

ولكن على الجانب الاخر لم يراعى التقرير بعض المؤشرات التى قد لا يتلمسها الغرب وهى ازالة حاجز الخوف من شعوب تلك الدول بعد ان كانت فى ثبات عميق منذ خمسينيات القرن الماضى وهو مكسب ليس بالهين فهولاء يمثلون ضغط على اى نظام حاكم وسوف يفكر مئات المرات اذا اراد تكرار سياسة سابقية وكذلك فقد اكتسبت الشعوب - او على الاقل تحاول - ثقافة المشاركة السياسية بعد ان كانت تحسبها من تابوهات المجتمع المحرمة والممنوع حتى التفكير فيها وليس المشاركة بها وهذا بالنسبة لثقافة مجتمعاتنا العربية تقدما هائلا ولكنة طبعا لايذكر بالنسبة لكاتب التقرير الطامحين فى معاير المجتمع الغربى ، اما ليبيا فبرغم من وجود الكتائب وانتهاكتها لسيادة الدوله فان وعى الشعب الليبى - الذى عانى من طاغية اراد عمدا تجهيلة - يدل على تطلع الشعب للحرية وللاقامة دولة مدنية حديثة وهذا يتجلى فى اختيارهم للقوى الليبرالية فى انتخابات الشبه برلمانية التى قامت وكذلك رفضهم للاعمال الارهابية التى تصدر من الكتائب الاسلامية مثل التعدى على الاضرحة واخير الهجوم على القنصلية الأمريكية فى بنغازى ومقل السفير الأمريكى فخرج سكان بنغازى وطردوا هذه الكتائب من المدينة ، فكل هذه المؤشرات من تقدم ثقافة شعوب الربيع العربى تجعلنا نثق اننا نخطوا خطوات واثقة ناحية التقدم والديمقراطية والحريات .


http://blog.noreed.com/2012/10/blog-post_20.html